وعندما نقل خاله إلى عمل بطنطا ذهب معه حافظ وإلتحق بالجامع الأحمدي وهناك أخذ
حافظ
يدرس في الكتاتيب. أحس حافظ إبراهيم بضيق خاله به مما أثر في نفسه، فرحل عنه
وترك له
رسالة كتب فيها:
بعد أن خرج حافظ إبراهيم من عند خاله هام على وجهه في طرقات مدنية طنطا حتى
انتهى به
الأمر إلى مكتب المحام محمد أبو شادي، أحد زعماء ثورة 1919، وهناك اطلع على
كتب
الأدب وأعجب بالشاعر محمود سامي البارودي. وبعد أن عمل بالمحاماة لفترة من الزمن،
التحق حافظ إبراهيم بالمدرسة الحربية في عام1888 م وتخرج منها في عام 1891 م
ضابط
برتبة ملازم ثان في الجيش المصري وعين في وزارة الداخلية. وفي عام 1896 م أرسل
إلى
السودان مع الحملة المصرية إلى أن الحياة لم تطب له هنالك، فثار مع بعض الضباط.
نتيجة
لذلك، أحيل حافظ على الاستيداع
بمرتب ضئيل.
وعام 1911م ، عين رئيسا للقسم الأدبي في دار الكتب ووصل إلى منصب "وكيل
دار الكتب"
أي الرجل الثاني. وحصل على البكوية عام 1912. وأطلق عليه لقب "شاعر النيل"
وعمل
فترة في المحاماة. وكان يلم بالفرنسية وترجم "البؤساء" لفيكتور هيجو
، وإشترك مع "خليل
مطران" في ترجمة كتاب "موجز الإقتصاد" ، وعندما عمل الشرطة كان
ملاحظا لمركز بني
سويف ولمركز الإبراهيمية.
كان حافظ إبراهيم أحدى أعاجيب زمانه، ليس فقط فى جزالة شعره بل فى قوة ذاكرته
التى
قاومت السنين ولم يصيبها الوهن والضعف على مر 60 سنة هى عمر حافظ إبراهيم، فإنها
ولا عجب إتسعت لآلاف الآلاف من القصائد العربية القديمة والحديثة ومئات المطالعات
والكتب وكان بإستطاعته – بشهادة أصدقائه – أن يقرأ كتاب أو ديوان شعر كامل فى
عده
دقائق وبقراءة سريعة ثم بعد ذلك يتمثل ببعض فقرات هذا الكتاب أو أبيات ذاك الديوان.
وروى عنه بعض أصدقائه أنه كان يسمع قارئ القرآن فى بيت خاله يقرأ سورة الكهف
أو
مريم او طه فيحفظ ما يقوله
ويؤديه كما سمعه بالروايه التى سمع القارئ يقرأ بها.
يعتبر شعره سجل الأحداث، إنما يسجلها بدماء قلبه وأجزاء روحه ويصوغ منها أدبا
قيما
يحث النفوس ويدفعها إلى النهضة، سواء أضحك في شعره أم بكى وأمل أم يئس، فقد
كان
يتربص كل حادث هام يعرض فيخلق
منه موضوعا لشعره ويملؤه بما يجيش في صدره.
وللأسف, مع تلك الهبة الرائعة التى قلما يهبها الله – عز وجل – لإنسان ، فأن
حافظ رحمه
الله أصابه - ومن فترة امتدت من 1911 إلى 1932 – داء اللامباله والكسل وعدم
العناية
بتنميه مخزونه الفكرى وبالرغم من إنه كان رئيساً للقسم الأدبى بدار الكتب إلا
أنه لم يقرأ فى
هذه الفترة كتاباً واحداً من آلاف الكتب التى تذخر بها دار المعارف! الذى كان
الوصول إليها
يسير بالنسبه لحافظ، ولا أدرى حقيقة سبب ذلك ولكن أحدى الآراء تقول ان هذه الكتب
المترامية الأطراف القت فى سأم حافظ الملل! ومنهم من قال بأن نظر حافظ بدا بالذبول
خلال
فترة رئاسته لدار الكتب وخاف
من المصير الذى لحق بالبارودى فى أواخر أيامه.
كان حافظ إبراهيم رجل مرح وأبن نكتة وسريع البديهة يملأ المجلس ببشاشته و فكاهاته
الطريفة التى لا تخطأ مرماها.
وأيضاً تروى عن حافظ أبراهيم مواقف غريبة مثل تبذيره الشديد للمال فكما قال
العقاد
مرتب سنة فى يد حافظ إبراهيم يساوى مرتب شهر ومما يروى عن غرائب تبذيره أنه
استأجر قطار كامل ليوصله
بمفرده إلى حلوان حيث يسكن وذلك بعد مواعيد العمل الرسمية.
مثلما يختلف الشعراء فى طريقة توصيل الفكرة أو الموضوع إلى المستمعين أو القراء،
كان
لحافظ إبراهيم طريقته الخاصة فهو لم يكن يتمتع بقدر كبير من الخيال ولكنه أستعاض
عن
ذلك بجزالة الجمل وتراكيب الكلمات وحسن الصياغة بالأضافة أن الجميع اتفقوا على
انه كان
أحسن خلق الله إنشاداً للشعر. ومن أروع المناسبات التى أنشد حافظ بك فيها شعره
بكفاءة هى
حفلة تكريم أحمد شوقى ومبايعته أميراً للشعر فى دار الأوبرا، وأيضاً القصيدة
التى أنشدها
ونظمها فى الذكرى السنوية لرحيل مصطفى كامل التى خلبت الألباب وساعدها على ذلك
الأداء
المسرحى الذى قام به حافظ للتأثير فى بعض الأبيات، ومما يبرهن ذلك ذلك المقال
الذى
نشرته أحدى الجرائد والذى تناول بكامله فن إنشاد الشعر عند حافظ. ومن الجدير
بالذكر أن
أحمد شوقى لم يلقى فى حياته قصيدة على ملأ من الناس حيث كان الموقف يرهبه فيتلعثم
عند
الإلقاء
وقد تزوج حافظ بعد عودته من السودان من إحدى قريبات زوجة خاله. ولكنها لم تطق
طبيعة
حافظ المنطلقة قيود الزوجية ، وإنتهى الأمر بالفرقة بين الزوجين بعد بضعة أشهر
، ولم يعد
بعد هذه التجربة إلى الزواج
أو التفكير فيه
.......